يُعد الزرنيخ أحد أكثر العناصر سمية في العالم. وعلى مر التاريخ، كان يجد طريقه إلى بعض الأطعمة في السلسلة الغذائية.
ومع ذلك، فإن هذه المشكلة تزداد سوءًا الآن، حيث أن اتساع نطاق التلوث يرفع مستويات الزرنيخ في الأطعمة، مما يشكل خطراً على الصحة.
وفي الآونة الأخيرة، اكتشفت الدراسات مستويات عالية من الزرنيخ في الأرز. مما يُعد مصدر قلق كبير، لأن الأرز يعتبر الغذاء الرئيسي لعدد كبير من سكان العالم. هل يجب الشعور بالقلق!!
ما هو الزرنيخ؟
الزرنيخ عنصر ضئيل سام، يُرمز إليه بالرمز As. ولا يوجد عادة بمفرده، وإنما مرتبط بعناصر أخرى في المركبات الكيميائية. والتي يمكن تقسيمها إلى فئتين عريضتين (1):
- الزرنيخ العضوي: والذي يوجد أساسًا في الأنسجة النباتية والحيوانية.
- الزرنيخ غير العضوي: ويوجد في الصخور والتربة أو مُذاب في الماء وهو الشكل الأكثر سمية.
وكلا النموذجين موجودان بشكل طبيعي في البيئة، ولكن مستوياتهما تتزايد بسبب التلوث.
ولأسباب عدة، قد يتراكم في الأرز كمية كبيرة من الزرنيخ غير العضوي (الشكل الأكثر سمية) من البيئة.
المصادر الغذائية للزرنيخ:
يوجد الزرنيخ تقريبا في جميع الأطعمة والمشروبات، إلا أنه عادةً ما يوجد بكميات صغيرة فقط. وفي المقابل، يُوجد بمستويات عالية نسبيًا في:
- مياه الشرب الملوثة:
يتعرض ملايين الأشخاص حول العالم لشرب المياه التي تحتوي على كميات كبيرة من الزرنيخ غير العضوي. وهذا أكثر شيوعا في كل من أمريكا الجنوبية وآسيا (2، 3).
- المأكولات البحرية:
قد تحتوي الأسماك والروبيان والمحار وغيرها من المأكولات البحرية، على كميات كبيرة من الزرنيخ العضوي، وهو الشكل الأقل سمية. بينما قد يحتوي بلح البحر وأنواع معينة من الأعشاب البحرية على الزرنيخ غير العضوي (4، 5، 6).
- الأرز والأطعمة القائمة عليه:
يتراكم الزرنيخ في الأرز بدرجة أكبر مقارنة بالمحاصيل الغذائية الأخرى. حيث يعتبر أكبر مصدر غذائي للزرنيخ غير العضوي، وهو الشكل الأكثر سمية (7، 8، 9، 10).
وقد تم اكتشاف مستويات عالية من الزرنيخ غير العضوي في العديد من المنتجات القائمة على الأرز، مثل:
- حليب الأرز
- نخالة الأرز
- حبوب الإفطار المصنوعة من الأرز
- حبوب الأرز (أرز الأطفال)
- رقائق الأرز
- شراب الأرز البني
- ألواح الحبوب التي تحتوي على الأرز و / أو شراب الأرز البني.
لماذا يوجد الزرنيخ في الأرز؟
يُوجد الزرنيخ بشكل طبيعي في الماء والتربة والصخور، ولكن قد يكون بمستويات أعلى في بعض المناطق عن غيرها، وهو يدخل بسهولة في السلسلة الغذائية، ويمكنه التراكم بكميات كبيرة في كل من الحيوانات والنباتات، التي يأكل الإنسان بعضها.
ونتيجة للأنشطة البشرية، يتزايد التلوث بالزرنيخ. حيث تشمل المصادر الرئيسية للتلوث بالزرنيخ بعض مبيدات الآفات ومبيدات الأعشاب، والمواد الحافظة للأخشاب والأسمدة الفوسفاتية، والنفايات الصناعية وأنشطة التعدين وحرق الفحم وصهره.
وغالبًا ما يتم تصريف الزرنيخ إلى المياه الجوفية، التي تكون ملوثة بشدة في أجزاء معينة من العالم، ومن المياه الجوفية، يجد الزرنيخ طريقه إلى الآبار وإمدادات المياه الأخرى التي يمكن استخدامها لري المحاصيل والطهي.
وحقول الأرز معرضة بشكل خاص للتلوث بالزرنيخ، لأنه يزرع في حقول تُغمر بالمياه، وتتطلب كميات كبيرة من مياه الري. وفي العديد من المناطق، تكون مياه الري ملوثة بالزرنيخ.
وقد يتراكم الزرنيخ في تربة حقول الأرز، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، حيث يمتص الأرز المزيد من الزرنيخ من الماء والتربة، مقارنةً بالمحاصيل الغذائية الشائعة الأخرى.
ويعد استخدام المياه الملوثة للطهي مصدر آخر للقلق، لأن حبوب الأرز تمتص الزرنيخ بسهولة من ماء الطهي عند غليها.
الآثار الصحية للزرنيخ
الجرعات العالية من الزرنيخ شديدة السمية، وتسبب أعراضًا ضارة مختلفة، وقد تصل إلى الموت، ويوجد الزرنيخ الغذائي بكميات منخفضة عموما، ولا يسبب أي أعراض فورية للتسمم.
إلا أن تناول الزرنيخ غير العضوي لفترات طويلة قد يسبب مشاكل صحية مختلفة، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، والتي تشمل:
- أنواع مختلفة من السرطان.
- ضيق أو انسداد الأوعية الدموية (أمراض الأوعية الدموية).
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض القلب.
- مرض السكري 2.
بالإضافة إلى أنه قد يكون سامًا للخلايا العصبية، وقد يؤثر على وظائف المخ.
كما ارتبط التعرض للزرنيخ في الأطفال والمراهقين بما يلي:
- ضعف التركيز والتعلم والذاكرة.
- انخفاض الذكاء والكفاءة الاجتماعية.
وقد تحدث بعض هذه العيوب قبل الولادة. وتشير دراسات عديدة إلى أن تناول كميات كبيرة من الزرنيخ بين النساء الحوامل له آثار ضارة على الجنين، مما يزيد من خطر العيوب الخلقية ويعيق النمو.
هل يعد الزرنيخ في الأرز مصدر قلق؟
نعم بلا شك لأن الزرنيخ في الأرز يمثل مشكلة، ويشكل خطرا على الصحة لأولئك الذين يتناولون الأرز يوميا بكميات كبيرة. وهذا ينطبق بشكل أساسي على السكان في آسيا أو الأشخاص الذين يعتمدون النظام الغذائي الآسيوي.
ومن المجموعات الأخرى التي قد تأكل الكثير من منتجات الأرز: الأطفال الصغار، والذين يعتمدون على نظام غذائي خالٍ من الحليب أو من الجلوتين. حيث تمثل في بعض الأحيان المقرمشات المصنوعة من الأرز والبودنج وحليب الأرز جزءًا كبيرًا من هذه الوجبات.
والأطفال الصغار عرضة بشكل خاص بسبب صغر حجم الجسم وضعف البنية. لذلك، قد لا تكون فكرة إطعامهم حبوب الأرز يوميًا جيدة.
ومصدر القلق الآخر هو شراب الأرز البني، وهو محلي مشتق من الأرز قد يكون عالي الزرنيخ. وغالبا ما يستخدم في أطعمة الأطفال المصنعة.
وعلى الرغم من أن ليس كل الأرز يحتوي على مستويات عالية من الزرنيخ، إلا أنه قد يكون من الصعب (أو المستحيل) تحديد محتوى الزرنيخ لمنتج معين من الأرز دون قياسه فعليًا في المختبر.
كيف يمكن الحد من الزرنيخ في الأرز؟
يمكن تقليل محتوى الزرنيخ في الأرز عن طريق غسل الأرز وطهيه بماء نظيف قليل الزرنيخ. وهذا يعتبر فعّال لكل من الأرز الأبيض والبني على حد سواء، مما قد يقلل من محتوى الزرنيخ بنسبة قد تصل إلى 57%.
إلا أن ماء الطهي إذا كان يحتوي على نسبة عالية من الزرنيخ، فقد يكون لذلك تأثير عكسي ويرفع محتوى الزرنيخ بشكل كبير.
والنصائح التالية يجب أن تساعد في تقليل محتوى الزرنيخ في الأرز:
- استخدام الكثير من الماء عند الطهي.
- غسل الأرز قبل الطهي. وهذه الطريقة قد تزيل 10-28% من الزرنيخ.
- قد يكون الأرز الأبيض هو الخيار الأفضل للذين يتناولون الأرز بكميات كبيرة، حيث أن الأرز البني يحتوي على كميات أعلى من الزرنيخ.
- اختيار أنواع الأرز العطرية، مثل البسمتي أو الياسمين.
- اختيار الأرز من منطقة الهيمالايا، بما في ذلك شمال الهند وباكستان الشمالية ونيبال.
- تجنب قدر الإمكان الأرز الذي يزرع خلال مواسم الجفاف. حيث يعد استخدام المياه الملوثة بالزرنيخ أكثر شيوعًا خلال تلك الفترات.
- النصيحة الأخيرة والتي تُعد الأكثر أهمية فيما يخص النظام الغذائي الخاص بشكل عام، التأكد من التنوع عن طريق تناول العديد من الأطعمة المختلفة، بحيث لا يهيمن نوع واحد من الطعام على النظام الغذائي أبدًا.
ولا يضمن ذلك الحصول على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم فقط، بل يمنع أيضًا من الحصول على الكثير من شيء واحد.
الرسالة الرئيسية:
يُعد الزرنيخ في الأرز مصدر قلق كبير لكثير من الناس. ولأن نسبة كبيرة من سكان العالم يعتمد على الأرز كمصدر رئيسي للغذاء، قد يتعرض ملايين الأشخاص لخطر الإصابة بمشاكل صحية متعلقة بالزرنيخ.
ومع ذلك، فتناول الأرز باعتدال كجزء من نظام غذائي متنوع، يجب ألا يشكل أي مصدر للقلق. ولكن إذا كان الأرز يشكل جزءًا كبيرًا من النظام الغذائي، فيجب التأكد من مناطق زراعته ونموه وأن تكون غير ملوثة.