ينتابنا جميعًا الشعور بالنعاس بعد تناول الوجبات. ولكن لماذا غالبًا ما تتبع الوجبات رغبة مفاجئة في أخذ قيلولة، وهل يجب القلق بشأن ذلك؟
القليل من النعاس بعد تناول الطعام يُعد أمر طبيعي تمامًا ولا داعي للقلق. ,هناك العديد من العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة، وأيضا بعض الأشياء التي قد يمكن القيام بها لتقليل الشعور بالنعاس.
دورة الهضم
يحتاج الجسم إلى الطاقة للعمل، للتنفس والوجود بكل ببساطة، مثلما يحتاجها للركض واللعب وممارسة الألعاب الرياضية. وهي الطاقة التي يحصل عليها من الطعام.
ويقوم الجهاز الهضمي بتكسير الطعام إلى وقود (الجلوكوز). ثم توفر المغذيات الكبيرة مثل البروتين السعرات الحرارية (الطاقة) للجسم. وإلى جانب تحويل الطعام إلى طاقة، تثير دورة الهضم جميع أنواع الاستجابات داخل الجسم.
حيث يتم إطلاق الهرمونات مثل cholecystokinin (CCK) و glucagon و amylin لزيادة الشعور بالامتلاء (الشبع)، وارتفاع نسبة السكر في الدم. كما يتم إنتاج الأنسولين للسماح لهذا السكر بالانتقال من الدم إلى الخلايا، ليتم استخدامه للطاقة.
ومن المثير للاهتمام، أن هناك أيضًا هرمونات يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالنعاس عند تواجدها بمستويات متزايدة في الدماغ. وأحد هذه الهرمونات هو السيروتونين. بينما لا يتم إطلاق هرمون الميلاتونين المحفز للنوم استجابةً لتناول الطعام. إلا أن الطعام يمكن أن يؤثر على إنتاجه.
النظام الغذائي
على الرغم من أنه يتم هضم جميع الأطعمة بنفس الطريقة، إلا أن الأطعمة لا تؤثر على الجسم بنفس الطريقة. وبعضها يمكن أن يتسبب في النوم أكثر من غيرها.
الأطعمة مع التربتوفان
تم العثور على الأحماض الأمينية التربتوفان في لحم الديك الرومي والأطعمة الأخرى عالية البروتين مثل:
- السبانخ
- الصويا
- البيض
- الجبن
- التوفو
- الأسماك
ويستخدم الجسم التربتوفان لإنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي يساعد على تنظيم النوم. ومن المحتمل أن تكون زيادة إنتاج السيروتونين هي المسؤولة عن حالة النعاس بعد الوجبات.
ووفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA). فإن قوائم العناصر الغذائية الخاصة بالوزارة توضح أن كميات التربتوفان لبعض الأطعمة يمكن أن تختلف اعتمادًا على كيفية إعدادها أو طهيها (1).
وتبلغ الكمية الموصى بها (RDA) للتريبتوفان في اليوم للبالغين 5 ملليجرام لكل 1 كيلوجرام من وزن الجسم.
الأطعمة الأخرى:
يؤثر الكرز على مستويات الميلاتونين، وتسبب الكربوهيدرات ارتفاعًا وانخفاضًا لاحقًا في سكر الدم، كما أن المعادن المتوفرة في الموز تريح العضلات. والعديد من الأطعمة يمكن أن تؤثر على مستويات الطاقة بطرق مختلفة. وأياً من هذه العوامل يمكن أن يسبب الشعور بالنعاس.
عادات النوم
ليس من المستغرب أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يؤثر على الشعور بعد تناول الوجبات أيضًا. فعند امتلاء المعدة والاسترخاء، قد يشعر الجسم بالحاجة إلى الراحة، خاصة مع عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم في الليلة السابقة.
وتقترح Mayo Clinic التمسك بجدول منتظم للنوم، والحد من التوتر، وإدراج التمارين في الروتين اليومي للمساعدة على الحصول على نوم أفضل في الليل.
وعلى الرغم من التوصية بتجنب قيلولة منتصف النهار للذين يواجهون صعوبة في النوم جيداً ليلاً، فقد وجدت دراسة واحدة على الأقل أن قيلولة بعد الغداء تساعد في تحسين اليقظة والأداء العقلي والبدني.
النشاط البدني
بالإضافة إلى المساعدة على النوم بشكل أفضل في الليل، يمكن أن تساعد التمارين على البقاء يقظًا خلال النهار، مما يقلل من خطر الخمود بعد الوجبات. وقد وجدت دراسات متعددة أن التمارين المنتظمة تساعد على زيادة الطاقة وتقليل التعب.
حالات صحية أخرى:
في حالات نادرة، يمكن أن يكون التعب بعد تناول وجبة طعام أو الشعور بالنعاس طوال الوقت علامة على مشكلة صحية أخرى. وتشمل الحالات التي يمكن أن تجعل النعاس بعد تناول الطعام أسوأ:
- داء السكري
- عدم تحمل الطعام أو حساسية الطعام
- توقف التنفس أثناء النوم
- فقر الدم
- الغدة الدرقية
- مرض الاضطرابات الهضمية
لذلك إذا كان الشعور بالتعب كثيرًا مع المعاناة من أحد هذه الحالات، فيجب التحدث إلى الطبيب حول الحلول الممكنة. وأيضا إذا لم تكن هناك دراية بالحالة الطبية الكامنة، مع الشعور بأعراض أخرى بالإضافة إلى النعاس بعد الوجبة، يمكن أن يساعد الطبيب في تحديد السبب.
داء السكري
إذا شعر شخص يعاني من مقدمات السكري أو داء السكري 1 أو 2 بالتعب بعد تناول الطعام، فقد يكون أحد أعراض ارتفاع السكر أو نقص السكر في الدم.
كما يمكن أن يحدث نقص السكر في الدم أيضًا في شخص مصاب بداء السكري الذي تناول الأنسولين أو أدوية أخرى خاصة بمرض السكري أكثر من اللازم بناءً على الأطعمة التي يتناولها.
ويمكن أن يكون النعاس أحد الأعراض الأساسية لنقص السكر في الدم، إلى جانب الأعراض التالية:
- الدوار أو الشعور بالضعف
- الجوع
- التهيج
- الالتباس
ويُعد كل من فرط سكر الدم ونقص سكر الدم حالات طبية خطيرة، خاصةً لمرضى السكري. ويجب علاجها على الفور حسب توجيهات الطبيب.
عدم تحمل الطعام أو الحساسية الغذائية
يمكن أن يكون عدم تحمل أو حساسية لبعض الأطعمة سببًا آخر للشعور بالإرهاق بعد الوجبة. كما يمكن أن يؤثر على الهضم أو الوظائف الجسدية الأخرى (2).
وقد تكون هناك أيضًا أعراض حادة أو مزمنة أخرى، بما في ذلك اضطراب الجهاز الهضمي وبعض حالات الجلد والصداع أو الصداع النصفي.
الحصول على تشخيص
إذا وجد أن هناك شعور بالتعب بعد الوجبات، يمكن التفكير في الاحتفاظ بمفكرة لتسجيل الطعام. وتعتبر طريقة بسيطة ومفيدة للبدء في تحديد ما إذا كانت أطعمة ومكونات معينة، أو محفزات أخرى، لها تأثير على مستويات الطاقة.
على أن تتضمن مفكرة الطعام، سجلاً بكل ما يتم أكله أو شربه. والتسجيل بالتفصيل عند استهلاك طعامًا أو مشروبًا ومقداره.
مع تدوين أي ملاحظات حول ما يتم الشعور به، والانتباه إلى:
- مستويات الطاقة
- المزاج
- نوعية النوم
- نشاط الجهاز الهضمي
وهذا التدوين قد يساعد في رسم بعض الروابط بين النظام الغذائي والشعور بأعراض، سواء بمعرفة الشخص أو بمساعدة أخصائي رعاية صحية.
على أنه من الجيد دائمًا مناقشة النظام الغذائي مع مقدم الرعاية الصحية، خاصة مع الشعور المستمر بالتعب بعد الوجبات.
وهناك العديد من الاختبارات التشخيصية المختلفة للمساعدة في العثور على الأسباب الجذرية للإرهاق، مثل:
- اختبار تحمل الجلوكوز
- اختبار الهيموجلوبين A1C
- اختبار الجلوكوز في الدم، صائم أو عشوائي
- اختبارات الدم أو الجلد للبحث عن الحساسية للأغذية أو الحساسية
- كما قد يُقترح أيضًا اتباع نظام غذائي للتخلص.
منع النعاس بعد الوجبة
يمكن مناقشة الشعور بالتعب بشكل منتظم بعد تناول الطعام مع الطبيب. ولكن إذا تم استبعاد احتمال وجود حالة كامنة أكثر خطورة أو أن التعب لا يتكرر إلا في بعض الأحيان، فهناك بعض الخطوات البسيطة التي يمكن اتخاذها للمساعدة في الحفاظ على مستويات الطاقة المثلى.
وتشمل العادات الغذائية، وأسلوب الحياة، والتي قد تساعد على تعزيز أو الحفاظ على مستويات الطاقة ومواجهة النعاس ومنها:
- الحفاظ على البقاء رطبًا بشكل صحيح (3)
- استهلاك الشوارد المناسبة (4)
- تقليل كمية الطعام التي يتم تناولها في الوجبة الواحدة
- الحصول على قسط كاف من النوم
- ممارسة الرياضة بانتظام
- الحد من الكحول أو تجنبه
- تعديل استهلاك الكافيين
- تناول الأطعمة المفيدة للأمعاء وسكر الدم ومستويات الأنسولين والدماغ، بما في ذلك الكربوهيدرات المعقدة الغنية بالألياف والدهون الصحية.
ويشمل النظام الغذائي المتوازن الأطعمة مثل الخضار والحبوب الكاملة والأسماك الدهنية لتعزيز الطاقة المستدامة.
كما يمكن محاولة دمج المزيد من المكسرات والبذور وزيت الزيتون في الوجبات. ويساعد أيضًا تجنب الكثير من السكر وتناول وجبات أصغر وأكثر تكرارًا.
الشعور بالتعب بعد تناول الوجبة أمر طبيعي تمامًا
إذا كنت تشعر بالتعب بعد تناول الوجبة، فهناك فرصة كبيرة أن يكون هذا فقط بسبب استجابة الجسم لكل التغيرات البيوكيميائية التي يسببها الهضم. أي أن هذا طبيعي تمامًا.
إلا إنه إذا كانت الأعراض مزعجة، أو لا يبدو أن تغيير عادات ونمط الحياة يحدث تحسنا، فمن الأفضل التحدث إلى الطبيب أو طلب المساعدة من اختصاصي تغذية.