الكربوهيدرات من الناحية البيولوجية عبارة عن جزيئات تحتوي على ذرات الكربون والهيدروجين والأكسجين في نسب محددة. لكنها في عالم التغذية، تُعد من أكثر الموضوعات إثارة للجدل.
حيث يعتقد البعض أن الطريق إلى الصحة المثلى يمكن في التقليل من تناول الكربوهيدرات، بينما يفضل البعض الآخر اتباع نظام غذائي عالي الكربوهيدرات. إلا أن الاعتدال دائما هو أفضل السبل.
وبغض النظر عن هذا النقاش، فمن الصعب إنكار أن الكربوهيدرات تلعب دورًا مهمًا في جسم الإنسان، وهذه المقالة تبرز وظائفها الرئيسية.
#1 توفر الطاقة للجسم
تتمثل إحدى الوظائف الأساسية للكربوهيدرات في تزويد الجسم بالطاقة. ويتم هضم معظم الكربوهيدرات الموجودة في الأطعمة التي يتم تناولها وتُقسم إلى جلوكوز قبل دخول مجرى الدم.
حيث يحمل إلى خلايا الجسم ويستخدم لإنتاج جزيء وقود يسمى أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) من خلال سلسلة من العمليات المعقدة المعروفة باسم التنفس الخلوي، ويمكن للخلايا بعد ذلك استخدام ATP لتشغيل مجموعة متنوعة من المهام الأيضية.
ويمكن لمعظم خلايا الجسم إنتاج ATP من عدة مصادر، بما في ذلك الكربوهيدرات الغذائية والدهون.
لكن إذا كان النظام الغذائي المتبع يحتوي على مزيج من هذه العناصر الغذائية، فإن معظم خلايا الجسم تفضل استخدام الكربوهيدرات كمصدر أساسي للطاقة (1).
ملخص:
إحدى الوظائف الأساسية للكربوهيدرات تتمثل في تزويد الجسم بالطاقة. حيث تحولها الخلايا إلى جزيء الوقود ATP من خلال عملية تسمى التنفس الخلوي.
#2 تمد الجسم بالطاقة المخزنة
إذا كان الجسم يحتوي على ما يكفي من الجلوكوز لتلبية احتياجاته الحالية، فيمكن تخزين الجلوكوز الزائد لاستخدامه لاحقًا. وهذا الشكل المخزن من الجلوكوز يسمى الجليكوجين ويوجد بشكل رئيسي في الكبد والعضلات.
ويحتوي الكبد على حوالي 100 جرام من الجليكوجين، وهذ المخزون يمكن إطلاقه في الدم لتوفير الطاقة لجميع أنحاء الجسم والمساعدة في الحفاظ على مستويات السكر في الدم الطبيعية بين الوجبات.
وعلى عكس الجليكوجين في الكبد، يمكن استخدام الجليكوجين في العضلات فقط بواسطة خلايا العضلات. وهو حيوي للاستخدام خلال فترات طويلة من التمارين عالية الكثافة، ويختلف محتوى الجليكوجين في العضلات من شخص لآخر، ولكنه يبلغ حوالي 500 جرام (2).
وفي الظروف التي يكون لدى الجسم فيها كل الجلوكوز الذي يحتاجه، ومخازن الجليكوجين الخاصة به ممتلئة، يمكن للجسم تحويل الكربوهيدرات الزائدة إلى جزيئات الدهون الثلاثية وتخزينها كدهون.
ملخص:
يمكن للجسم تحويل الكربوهيدرات الإضافية إلى طاقة مخزنة على شكل جليكوجين. ويمكن تخزين عدة مئات من الجرامات في الكبد والعضلات.
#3 تساعد في الحفاظ على العضلات
تخزين الجليكوجين مجرد طريقة من عدة طرق يتأكد فيها الجسم من أنه يحتوي على ما يكفي من الجلوكوز لجميع وظائفه.
وعندما يكون هناك نقص في الجلوكوز من الكربوهيدرات، يمكن للعضلات أن تنقسم إلى أحماض أمينية وتحول إلى جلوكوز أو مركبات أخرى لتوليد الطاقة.
ومن الواضح أن هذا السيناريو ليس مثاليًا، لأن خلايا العضلات ضرورية لحركة الجسم، وقد ارتبطت الخسائر الفادحة في كتلة العضلات بسوء الصحة وارتفاع خطر الوفاة (3).
ومع ذلك، فهذه إحدى الطرق التي يوفر بها الجسم طاقة كافية للدماغ، والتي تتطلب بعض الجلوكوز للحصول على الطاقة حتى خلال فترات المجاعة الطويلة.
وتناول بعض الكربوهيدرات على الأقل في النظام الغذائي يعتبر إحدى الطرق لمنع فقدان كتلة العضلات المرتبط بالجوع. حيث تقلل هذه الكربوهيدرات من انحلال العضلات وتوفر الجلوكوز كطاقة للدماغ (4).
والطرق الأخرى التي يمكن للجسم من خلالها الحفاظ على كتلة العضلات دون الكربوهيدرات سيتم مناقشتها لاحقًا من خلال هذه المقالة.
ملخص:
عندما لا تتوفر الكربوهيدرات خلال فترات المجاعة، يمكن للجسم تحويل الأحماض الأمينية من العضلات إلى الجلوكوز لتزويد الدماغ بالطاقة، وتناول بعض الكربوهيدرات يمكن أن يمنع انهيار العضلات في هذه الحالة.
#4 تعزز صحة الجهاز الهضمي
على عكس السكريات والنشويات، لا يتم تكسير الألياف الغذائية إلى جلوكوز. وبدلاً من ذلك، يمر هذا النوع من الكربوهيدرات غير المهضومة عبر الجسم. ويمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين من الألياف: قابلة للذوبان وغير قابلة للذوبان.
توجد الألياف القابلة للذوبان في الشوفان والبقوليات والجزء الداخلي من الفاكهة وبعض الخضروات.
وأثناء مرورها عبر الجسم، فإنها تسحب الماء لتشكل مادة تشبه الهلام. تؤدي إلى زيادة حجم البراز وتليينه للمساعدة على تسهيل حركة الأمعاء.
وفي مراجعة لأربع دراسات محكومة، تم العثور على أن الألياف القابلة للذوبان ساعدت على تحسين اتساق البراز وزيادة تواتر حركات الأمعاء في أولئك الذين يعانون من الإمساك. علاوة على التقليل من الإجهاد والألم المرتبط بحركات الأمعاء (5).
ومن ناحية أخرى، تساعد الألياف غير القابلة للذوبان في تخفيف الإمساك عن طريق إضافة كمية كبيرة إلى البراز وجعله يتحرك بشكل أسرع قليلاً عبر الجهاز الهضمي. وهذا النوع من الألياف متوفر في الحبوب الكاملة وجلود وبذور الفاكهة والخضروات.
وقد يحمي الحصول على ما يكفي من الألياف غير القابلة للذوبان أيضًا من أمراض الجهاز الهضمي.
وجدت إحدى دراسات الملاحظة على أكثر من 40000 رجل أن تناول كميات أكبر من الألياف غير القابلة للذوبان يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض الرتج بنسبة 37 ٪، وهو مرض تتطور فيه الأكياس في الأمعاء نتيجة للتوتر أثناء حركات الأمعاء (6).
ملخص:
الألياف نوع من الكربوهيدرات التي تعزز صحة الجهاز الهضمي عن طريق الحد من الإمساك وخفض مخاطر أمراض الجهاز الهضمي.
#5 تؤثر على صحة القلب ونسبة السكر في الدم
من المؤكد أن تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات المكررة يضر بالقلب، وقد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري. إلا أن تناول الكثير من الألياف الغذائية يمكن أن يفيد القلب ومستويات السكر في الدم (7، 8، 9).
وعند مرور الألياف القابلة للذوبان عبر الأمعاء الدقيقة، فإنها ترتبط بالأحماض الصفراوية وتمنع امتصاصها. ولإنتاج المزيد من الأحماض الصفراوية، يستخدم الكبد الكوليسترول في الدم.
وتظهر الدراسات المحكومة أن تناول 10.2 جرامًا من مكملات الألياف القابلة للذوبان التي تسمى سيلليوم يوميًا يمكن أن يخفض الكولسترول الضار "LDL" بنسبة 7٪ (10).
بالإضافة إلى أن الألياف لا ترفع نسبة السكر في الدم مثل الكربوهيدرات الأخرى، بل تساعد الألياف القابلة للذوبان على تأخير امتصاص الكربوهيدرات في الجهاز الهضمي. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض مستويات السكر في الدم بعد الوجبات.
وقد أظهرت مراجعة 35 دراسة انخفاضًا كبيرًا في نسبة السكر في الدم الصائم عندما تناول المشاركون مكملات الألياف القابلة للذوبان يوميًا.
كما أنه خفض مستويات A1c، وهو جزيء يشير إلى متوسط مستويات السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وعلى الرغم من أن الألياف خفضت مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بمقدمات داء السكري، إلا أنها كانت أقوى في الأشخاص المصابين بداء السكري 2.
ملخص:
يمكن أن تزيد الكربوهيدرات المكررة الزائدة من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. والألياف نوع من الكربوهيدرات يرتبط بانخفاض مستويات الكولسترول الضار "LDL"، وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب وزيادة التحكم في نسبة السكر في الدم.
#6 هل الكربوهيدرات ضرورية لهذه الوظائف؟
وعلى الرغم من أن الكربوهيدرات تلعب دورًا في العديد من العمليات المهمة، فإن الجسم لديه طرق بديلة للقيام بالعديد من هذه المهام بدون كربوهيدرات.
فكل خلية في الجسم تقريبا يمكنها أن تولد جزيء الوقود ATP من الدهون. وأكبر شكل من أشكال الطاقة المخزنة في الجسم ليس الجليكوجين، ولكنه جزيئات الدهون الثلاثية المخزنة في الأنسجة الدهنية.
ويستخدم الدماغ الجلوكوز معظم الوقت بشكل حصري للحصول على الطاقة، إلا أنه في أوقات المجاعة الطويلة أو الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، يحوّل الدماغ مصدر الوقود الرئيسي من الجلوكوز إلى أجسام الكيتون، والتي تعرف أيضًا باسم الكيتونات. وهي عبارة عن جزيئات تتكون من تحلل الأحماض الدهنية، يصنعها الجسم عندما لا تتاح الكربوهيدرات لتزويده بالطاقة التي يحتاجها للعمل.
والكيتوز يحدث عندما ينتج الجسم كميات كبيرة من الكيتونات لاستخدامها في الطاقة. وهذه الحالة ليست ضارة بالضرورة وتختلف كثيرًا عن مضاعفات مرض السكري غير المنضبط المعروف باسم الحماض الكيتوني.
وباستخدام الجلوكوز بدلاً من الكيتونات، يقلل الدماغ بشكل ملحوظ من كمية العضلات التي تحتاج إلى تكسيرها وتحويلها إلى الجلوكوز للحصول على الطاقة. وهذا التحول طريقة حيوية للبقاء تسمح للبشر بالعيش بدون طعام لعدة أسابيع.
وعلى الرغم من أن الكيتونات تُعد مصدر الطاقة الأساسي للدماغ خلال أوقات المجاعة، يبقى الدماغ في حاجة للحصول على حوالي ثلث طاقته من الجلوكوز عن طريق انهيار العضلات ومصادر أخرى داخل الجسم.
ملخص:
للجسم طرق بديلة لتوفير الطاقة والحفاظ على العضلات أثناء المجاعة أو الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات.
#7 الرسالة الرئيسية :
تؤدي الكربوهيدرات العديد من الوظائف الرئيسية في الجسم. حيث توفر الطاقة للمهام اليومية، وهي مصدر الوقود الأساسي لمتطلبات الطاقة العالية في الدماغ.
والألياف، نوع خاص من الكربوهيدرات التي تساعد على تعزيز صحة الجهاز الهضمي وقد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
وبشكل عام، تؤدي الكربوهيدرات هذه الوظائف في معظم الناس، إلا إن الذين يتبعون نظامًا غذائيًا منخفض الكربوهيدرات أو عندما يكون الطعام نادرًا، حينها يستخدم الجسم طرقًا بديلة لإنتاج الطاقة وتغذية الدماغ.