in

النترات و النيتريتات : هل هي ضارة أم مفيدة للصحة ؟

تقول الحكمة التقليدية عن الأكل النظيف الصحي أن النترات والنتريت سيئة و مضرة للغاية بالصحة. وكلاهما من المواد الحافظة الغذائية المضافة إلى اللحوم المصنعة مثل لحم اللانشون و السلامي، والتي تم ربطها بسرطان المعدة والأمعاء وأمراض القلب. حتى أن مجموعة العمل البيئي (EWG) أدرجتها في قائمة الـ “Dirty Dozen” أو ” الدستة السيئة ” الخاصة بالمواد المضافة الغذائية الخطيرة في العام الماضي. هذا هو السبب في أن العديد من الشركات المصنعة لمنتجات اللحوم الطبيعية تضع بفخر الملصقات التي تدعي أن أطعمتها “خالية من النترات” و “خالية من النيتريت ” على عبواتها. ( تعرف أيضا على أفضل و أسوأ أنواع اللحوم الباردة ).

ولكن الاّن، أظهرت دراستان جديدتان للحيوان من المملكة البريطانية المتحدة أن النظام الغذائي الغني بالنترات يمكنه في الواقع تحسين صحة القلب والأوعية الدموية عن طريق زيادة سيولة الدم وتوسيع الأوعية الدموية، مما يقلل من خطر الإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية. كما أظهرت التجارب البشرية الحديثة أن الوجبات المحملة بالنترات بإمكانها تخفيض ضغط الدم وتحسين الأداء الرياضي.

لكن ماذا يعني كل هذا ؟ هل النترات و النيتريتات ضارة حقا أم مفيدة للصحة ؟

للإجابة على هذا السؤال ، عليك أولاً فهم كيفية اختلاف كلا من هاتين المادتين. النترات والنتريتات هي مركبات كيميائية موجودة بشكل طبيعي في التربة والمياه والنباتات وحتى في داخل أجسامنا. أحد أكثر أشكالها شيوعًا هو الملح الطبيعي المسمى بـ نترات الصوديوم ، وهو فعال بشكل استثنائي في حفظ اللحوم وقد استخدم لهذا الغرض منذ زمن بعيد. ولكن قرب بداية القرن العشرين، توصل منتجو اللحوم إلى اكتشاف هام، وهو انه عندما تتفاعل نترات الصوديوم مع البكتيريا في اللحوم، فإنها تتحول إلى نتريت الصوديوم. وفي يومنا الحالي، تتخطى معظم المصانع تقريبا هذا التحول البكتيري وتضيف نتريت الصوديوم الاصطناعي مباشرة إلى اللحوم المعالجة.

من بعض النواحي فإن هذا أمر جيد، حيث يحافظ النتريت على الدهون في اللحم من التعفن بينما يمنع نمو البكتيريا الخطيرة مثل الليستيريا و البوتولينوم. ولكن اكتشف الباحثون في السبعينات، أنه عندما يتم تسخين اللحم الذي يحتوي على نيتريت الصوديوم إلى درجة حرارة أعلى من 130 درجة مئوية، فإنه يخلق مادة النيتروزامين أو المركبات المُسرطنة للحيوانات. وأدى ذلك إلى قيام وزارة الزراعة الأمريكية بالحد من كمية النيتريت التي يمكن إضافتها إلى اللحوم المُعالجة والى أن تطلب شمول جميع المنتجات المُحتوية على النتريتات على فيتامين سي لأنه يمنع تكوين مادة النيتروزامين المُسرطنة. ومع ذلك أدرجت منظمة الصحة العالمية WHO في عام 2010 النترات والنتريتات المستهلكة كمواد مسرطنة للبشر.

ولكن الأمر الصادم هو أنه على الرغم من كل الجلبة التي أثيرت حول النترات والنيتريت و النيتروزامين ، فإن اللحوم المُعالجة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة لا تزيد عن 6٪ من مدخول النترات الغذائية. حيث تأتي حوالي 80 ٪ من النترات التي نستهلكها من الخضار، وفقا لأرقام المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض CDC ( حوالي 21 ٪ يتم حسابها من مياه الشرب ). ويعتبر الكرفس والخضراوات الورقية والبنجر والبقدونس والكراث والملفوف والملفوف والشمر من المصادر الأكثر احتواءاََ على النترات، ولكنك ستحصل على بعض النترات من أي نبات تأكله تقريباً.

لكن لماذا تحتوي النباتات على مثل هذا القدر الكبير من النيترات؟ السبب هو أن النباتات تلتقط النيترات من التربة، و من الأسمدة النيتروجينية، و من الماء و غاز النيتروجين الموجود في غلافنا الجوي. عندما نتناول النيترات الموجودة في النباتات، فإن البكتيريا الموجودة في أفواهنا تحولها إلى – كما قد تخمن – نيتريتات. ثم يتم امتصاص النيتريتات وتخزينها في خلايانا حتى يتم تحويلها إلى أكسيد النيتريك، وهو مركب أثبت قدرته على إرخاء الأوعية الدموية والزيادة من تدفق الدم.

وفي الواقع فان النيتريتات ضرورية للغاية، حتى أن أجسامنا تقوم بتصنيعها بنفسها، ويقول جيف سيندلار ، الأستاذ المشارك في قسم العلوم الحيوانية بجامعة ويسكونسن – ماديسون : ” ينتج جسمك ملليجرام واحد من النيتريت بشكل طبيعي في مقابل كل كيلوجرام من وزن الجسم الذي تحمله “.

الخلاصة هي أن بعض الباحثين قد وجدوا روابط – و لكنها ليست روابط مباشرة – ما بين الاستهلاك العالي للنيتريت و بين بعض مخاطر مرض السرطان. وتقول د/ جوانا كونجليتون و هي واحدة من كبار العلماء في مجموعة العمل البيئي EWG : ” هناك بعض الأدلة الوبائية التي تشير إلى أنه عند إضافة النيتريتات إلى الأطعمة، فقد تترافق هذه المركبات مع سرطان المريء أو المعدة. وهذه الدراسات هي ما يثير قلقنا “.

لكن هناك بعض الباحثين الآخرين الذين يدعون إلى إعادة تصنيف النيترات الغذائية كنوع من المواد الغذائية، و ليس كمادة قد تؤدي إلى الاصابة بمرض السرطان. يقول سيندلار : ” أن القلق حيال استهلاك هذه المنتجات في مستويات عالية بما فيه الكفاية لأن يتم اعتبارها سامة هو في الحقيقة مصدر قلق ليس له أهمية “. لكن لا تعتبر هذا تصريحاََ مطلقاََ يسمح لك بتناول كميات كبيرة من شرائح السلامي كل يوم، لأن هناك إجماع موثق جيدًا بأن الاستهلاك العالي من اللحوم المصنعة يمكن أن يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطانات والموت – على أي حال و بغض النظر عن المواد الحافظة التي أضيفت إليها.

لذا لا توجد إجابة بسيطة و مطلقة على سؤالنا إذا ما كانت النترات والنتريتات نعمة أم نقمة، لأن الأمر يعتمد بشكل كبير على الأطعمة التي تأتي منها وعلى البشر الذين يتناولونها. لكن هناك شيء واحد مؤكد وهو أن سمعة النيترات و النيتريتات كأطعمة ضارة ومسرطنة يجب تجنبها بأي طريقة لا تبدو صحيحة تمامًا. لذا سننتظر المزيد من الأبحاث و الأخبار بخصوص هذا الموضوع أثناء تناول سلطة السبانخ، و ربما شريحة أو شريحتين من لحم السلامي.

ما رأيك؟

Upvote Downvote

Total votes: 0

Upvotes: 0

Upvotes percentage: 0.000000%

Downvotes: 0

Downvotes percentage: 0.000000%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أشياء يجب عليك القيام به لانقاص وزنك بعد سن الأربعين

كيف تخسر الوزن بإجراء 51 تغيير بسيط في حياتك اليومية