هناك قدر هائل من المعلومات الخاطئة حول التغذية يوجد على الإنترنت في الوقت الحالي.
ويستند بعضها إلى بحث ضعيف أو أدلة غير كاملة، في حين أن بعض المعلومات الأخرى قد تكون قديمة.
كما يقدم المحترفون نصائح قد تبدو متناقضة في بعض الأحيان. والزبدة والمارجرين من الأمثلة الجيدة على مثل تلك الموضوعات التي لا يُتفق على الآثار الصحية لتناولها.
ويحاول هذا المقال المقارنة بينهما، والنظر إلى جانبي المناقشة.
#1 ما هي الزبدة والمارجرين؟
الزبدة عنصر غذائي تقليدي يُصنع من القشدة. وتستخدم بشكل رئيسي كدهون في الطهي، وتُعد أحد مكونات الصلصات والكعك والمعجنات.
ويتألف معظمها من الدهون المشبعة نظرا لكونها مصدر مركز لدهون الحليب. وبسبب الدراسات التي تربط بين تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة، وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، بدأت السلطات الصحية في التوصية بالحد من استهلاكها في السبعينيات.
بينما المارجرين عبارة عن طعام معالج يتم تصنيعه ليشبه مذاق الزبدة. وغالبا ما يُنصح به كبديل صحي للقلب.
وتُصنع أنواع المارجرين الحديثة من الزيوت النباتية، التي تحتوي على دهون غير مشبعة متعددة الأغراض، ويمكن أن تخفض نسبة الكوليسترول الضار "LDL" عند استخدامه بدلاً من الدهون المشبعة.
ونظرًا لأن الزيوت النباتية تكون عادة سائلة في درجة حرارة الغرفة، قام علماء الأغذية بتغيير التركيب الكيميائي لجعلها صلبة مثل الزبدة.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، اُستخدمت عملية تعرف باسم "الهدرجة" لتحويل الزيوت النباتية إلى صلبة في المارجرين. وتزيد عملية الهدرجة محتوى الزيت من الدهون المشبعة، بينما تتشكل الدهون غير الصحية غير المشبعة كمنتج جانبي (1).
وبالإضافة إلى ذلك، قد يحتوي المارجرين على العديد من المضافات الغذائية، بما في ذلك المستحلبات والملونات.
وببساطة، المارجرين عبارة عن منتج غذائي عالي التجهيز مصنوع من زيوت نباتية، بينما الزبدة عبارة عن دهون ألبان مركزة بشكل أساسي (2).
ملخص:
الزبدة عبارة عن منتج ألبان يتم تحضيره من القشدة، بينما المارجرين منتج مُصّنع لتقليد الزبدة.
وفي حين أن الزبدة تتكون من دهون الألبان، ينتج المارجرين من الزيوت النباتية.
#2 الفوائد الصحية للزبدة
قد تحتوي الزبدة على العديد من العناصر الغذائية غير المتوفرة في أطعمة أخرى.
فعلى سبيل المثال، قد تحتوي الزبدة المنتجة من حليب الأبقار التي تغذت على الأعشاب على بعض من فيتامين K2، والذي يرتبط بتحسين صحة العظام (3، 4).
وتُعتبر هذه الزبدة أفضل مصدر للعديد من العناصر الغذائية أكثر من الزبدة التي تنتج من الأبقار التي تتغذى على الحبوب.
وتوجد المغذيات في زبدة الأبقار التي تتغذى على الأعشاب، حيث تعتمد الآثار الصحية للزبدة إلى حد كبير على النظام الغذائي للأبقار التي تحضّر من حليبها.
فالأبقار تأكل العشب في البيئة الطبيعية، إلا أن في العديد من البلدان، تعتمد التغذية إلى حد كبير على الأعلاف القائمة على الحبوب.
وتحتوي الزبدة من الأبقار التي تتغذى بالأعشاب على مغذيات أكثر بكثير، مثل:
-
فيتامين K2: وهو فيتامين معروف قليلًا وقد يساعد على الوقاية من العديد من الأمراض الخطيرة، بما في ذلك السرطان وهشاشة العظام وأمراض القلب (5، 6، 7).
-
حمض اللينوليك المقترن (CLA): والذي تشير الدراسات إلى أنه يمكن أن يكون له خصائص مضادة للسرطان ويساعد على خفض نسبة الدهون في الجسم (8، 9، 10).
-
الزبدات: وهو حمض دهني قصير السلسلة موجود في الزبدة ينتج أيضًا عن طريق البكتيريا في الأمعاء. ويمكن أن يقاوم الالتهاب، ويحسّن صحة الجهاز الهضمي، كما قد يساعد في منع زيادة الوزن .
-
أوميجا 3: يحتوي هذا النوع من الزبدة على نسبة أقل من أوميجا 6، ونسبة أكثر من أوميجا 3، وهو أمر مهم لأن معظم الناس يتناولون بالفعل الكثير من الدهون التي تحتوي على أوميجا 6.
ومع ذلك، يتم استهلاك الزبدة بكميات صغيرة، ومساهمتها في إجمالي المدخول الغذائي لهذه العناصر الغذائية يعتبر منخفض.
ملخص:
تحتوي الزبدة من الأبقار التي تتغذى على الأعشاب على كميات من العناصر الغذائية الصحية للقلب أكبر بكثير من تلك التي تنتج من أبقار تتغذى على الحبوب.
#3 مخاطر تناول الزبدة
يشعر بعض الخبراء بالقلق حيال الكميات الكبيرة من الدهون المشبعة والكوليسترول في الزبدة، ولذلك ينصحون الناس بالحد من تناولها.
-
عالية في الدهون المشبعة
لعقود من الزمان، يتم التحذير من تناول الزبدة بسبب محتواها العالي من الدهون المشبعة. حيث تتكون من حوالي 50٪ من الدهون المشبعة، والباقي من ماء ودهون غير مشبعة.
وقد قدمت الدراسات الرصدية التي تحقق في العلاقة بين الدهون المشبعة وأمراض القلب نتائج مختلطة.
حيث خلصت مراجعة حديثة للدراسات إلى أن تناول كميات أقل من الدهون المشبعة يرتبط بنسبة 17٪ أقل في مخاطر الإصابة بأمراض القلب، عند استبدالها بالدهون غير المشبعة المتعددة.
وعلى العكس، يبدو أن استبدال الدهون المشبعة بالكربوهيدرات أو البروتين ليس له أي تأثير.
ونتيجةً لذلك، يشك بعض الخبراء في أن تناول الدهون المشبعة يعد مدعاة للقلق حقًا. ولا يزال آخرون مقتنعين بأن الإفراط في تناول الدهون المشبعة عامل خطر لمرض القلب.
ويشير مؤيدو هذا الرأي غالبًا إلى الدراسات التي تبين أن الدهون المشبعة تزيد من مستويات الكوليسترول الضار "LDL".
ومن المثير للاهتمام أن بعض العلماء يعتقدون أن تناول الدهون المشبعة قد يكون له بعض الفوائد، بما في ذلك تحسين صورة الدهون في الدم.
حيث قد يرفع الكوليسترول الحميد "HDL" ويغير حجم جزيء الكوليسترول المنخفض الكثافة (LDL) من صغير وكثيف إلى كبير، والذي يعتبر أفضل.
كما أنه لا يوجد دليل قوي يدعم الادعاءات بأن تناول كميات كبيرة من الزبدة أو غيرها من المصادر الغذائية للدهون المشبعة هي المسؤولة مباشرة عن أمراض القلب.
لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحوث عالية الجودة قبل أن يتمكن العلماء من فهم كامل لعملية التمثيل الغذائي للدهون المشبعة وصلتها بصحة القلب.
ملخص:
تم ربط تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، ولكن الأدلة غير متناسقة. وتُعد هذه القضية من الأكثر إثارة للجدل في علم التغذية.
-
عالية في الكوليسترول
الزبدة مرتفعة أيضا في الكوليسترول. ومن المعتقد أن تناول كميات كبيرة من الكوليسترول يشكل عامل خطر رئيسي لأمراض القلب.
ويستند هذا القلق إلى الدراسات التي أظهرت أن ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم ارتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
ومع ذلك، أصبح من الواضح مؤخرا أن الحصول على كميات معتدلة من الكوليسترول من النظام الغذائي لا يرفع مستويات الدم لدى معظم الناس.
ويعوض الجسم هذا عن طريق إنتاج أقل. وهذا يحافظ عادة على مستويات الدم في معدلها الطبيعي، على الرغم من أن تناول كميات كبيرة جدًا قد يسبب ارتفاعًا معتدلًا في مستويات الكوليسترول في الدم.
لهذا دعت السلطات الصحية إلى اتباع نظام غذائي منخفض الكوليسترول لعدة عقود.
وتنطبق هذه الإرشادات بشكل خاص على الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع كوليسترول الدم العائلي، وهي حالة وراثية تؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في مستويات الكوليسترول في الدم.
ملخص:
الزبدة غنية بالكوليسترول. إلا أن آثاره محدودة على مستويات الكوليسترول في الدم لدى معظم الناس.
#4 الفوائد الصحية للمارجرين
تعتمد الفوائد الصحية للمارجرين على نوع الزيوت النباتية التي يحتوي عليها وكيفية معالجتها.
-
قد يكون عالي في الدهون غير المشبعة المتعددة
معظم أنواع المارجرين غنية بالدهون غير المشبعة المتعددة. وتعتمد الكمية على الزيوت النباتية المستخدمة لإنتاجها.
فعلى سبيل المثال، قد يحتوي المارجرين الذي يرتكز على زيت فول الصويا على حوالي 20 ٪ من الدهون غير المشبعة المتعددة.
وتعتبر هذه الدهون صحية بشكل عام. كما قد يكون لها فوائد لصحة القلب بالمقارنة مع الدهون المشبعة.
ومثال على ذلك، أن استبدال الدهون المشبعة بالدهون المتعددة غير المشبعة، ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بمشاكل القلب بنسبة 17٪، ولكن ليس له تأثير كبير على خطر الوفاة بسبب أمراض القلب.
ملخص:
غالبًا ما يكون المارجرين غنيًا بالدهون غير المشبعة المتعددة. وتشير الدراسات إلى أن تناول هذه الدهون بدلاً من الدهون المشبعة قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
-
قد يحتوي على ستيرول النبات و ستانول
يتم إثراء بعض أنواع المارجرين بفيتوستيرول أو ستانول. كما أن الزيوت النباتية غنية بشكل طبيعي بهذه المركبات.
والمارجرين الغني بالفيتوستيرول يساعد على خفض الكوليسترول الكلي والضار على المدى القصير، ولكنه قد يقلل أيضًا من الكوليسترول الجيد.
ومع ذلك، لم تكتشف معظم الدراسات وجود ارتباط كبير بين إجمالي تناول فيتوستيرول، وخطر الإصابة بأمراض القلب.
ملخص:
غالبا ما يكون المارجرين المصنع من الزيوت النباتية غنيًا بالفيتوستيرول. وفي حين أنه قد يقلل من مستويات الكوليسترول الضار، إلا أنه لا يبدو أنه يؤثر على خطر الإصابة بأمراض القلب.
#5 مخاطر تناول المارجرين
على الرغم من أن المارجرين قد يحتوي على بعض العناصر الغذائية المفيدة للقلب، إلا أنه يحتوي غالبا على الدهون غير المشبعة التي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وغيرها من المشكلات الصحية المزمنة.
-
قد تكون عالية في الدهون غير المشبعة
لا تكون الزيوت النباتية صلبة في درجة حرارة الغرفة مثل الزبدة. و لجعلها صلبة لاستخدامها في المارجرين يقوم علماء الأغذية بتغيير تركيبها الكيميائي عن طريق عملية تعرف باسم الهدرجة.
وتتضمن هذه العملية تعريض الزيوت للحرارة العالية، والضغط العالي وغاز الهيدروجين ومحفز معدني.
وتحول الهدرجة بعض الدهون غير المشبعة إلى دهون مشبعة، والتي تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة، كما أنها تزيد من العمر الافتراضي للمنتج.
ولكن لسوء الحظ، تتشكل الدهون غير المشبعة كمنتج جانبي. وقد تم ربط كمية كبيرة من الدهون غير المشبعة الصناعية بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
ولهذا السبب، تنصح السلطات الصحية الناس بشدة بالحد من استهلاكهم لها. وبالإضافة إلى ذلك، تطبق إدارة الأغذية والعقاقير حظراً على الدهون غير المشبعة في جميع الأطعمة المصنعة.
ونتيجة لذلك، بدأ العديد من منتجي المواد الغذائية باستخدام تقنية جديدة لتصلب الزيوت النباتية في المارجرين، وتسمى هذه الطريقة interesterification.
وفيها تحل بعض الدهون غير المشبعة في الزيت محل الدهون المشبعة، وتعتبر الزيوت النباتية المخلوطة صحية أكثر من الزيوت المهدرجة نظرا لأنها لا تحتوي على الدهون غير المشبعة.
ملخص:
يحتوي الكثير من أنواع المارجرين على نسبة عالية من الدهون غير المشبعة، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
ومع ذلك، وبسبب الدعاية والقوانين الصحية، أصبحت أنواع المارجرين الخالية من الدهون المهدرجة شائعة بشكل متزايد.
-
قد يكون عالي في دهون أوميجا 6
توجد أنواع كثيرة من الدهون غير المشبعة المتعددة. وغالبًا ما يتم تقسيمها إلى فئات بناءً على تركيبها الكيميائي. ومن أكثرها شيوعا، أوميجا 3 وأوميجا 6.
حيث تعتبر دهون أوميجا 3 مضادة للالتهابات، بينما تناول الكثير من دهون أوميجا 6 قد يشجع الالتهاب المزمن.
وتقدر النسبة المثلى لتناول أوميجا 6 إلى أوميجا 3 بنسبة 1: 1.
وإذا كانت هذه النسبة ذات صلة بالصحة، فإن الناس يتناولون عادة كميات كبيرة من الدهون التي تحتوي على نسبة عالية من أوميجا 6 في اليوم. حيث تشير التقديرات إلى أن النسبة تصل إلى 20: 1 في البلدان المتقدمة.
وقد ربطت الدراسات الرصدية بين تناول كميات كبيرة من دهون أوميجا 6، وزيادة خطر الإصابة بالسمنة والأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب وأمراض التهاب الأمعاء.
ومع ذلك، خلصت تحليلات الدراسات إلى أن حمض اللينوليك، وهو أكثر دهون أوميجا 6 شيوعًا، لا يؤثر على مستويات الدم من علامات الالتهابات.
وبسبب هذا التناقض، فمن غير الواضح ما إذا كان تناول كميات كبيرة من دهون أوميجا 6 مدعاة للقلق حقًا. وهناك حاجة إلى مزيد من البحوث.
وتشمل الزيوت النباتية التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون من أوميجا 6، عباد الشمس والذرة وزيت فول الصويا وبذور القطن.
لذا على الذين يشعرون بالقلق بشأن تناول الكثير من دهون أوميجا 6، تجنب تناول المارجرين الذي يحتوي على هذه الزيوت.
ملخص:
غالبًا ما يكون المارجرين غنيًا جدًا بأحماض أوميجا 6 الدهنية المتعددة غير المشبعة.
ويعتقد بعض العلماء أن الإفراط في تناول أوميجا 6 قد يشجع الالتهاب، لكن الدراسات لا تدعم هذه النظرية.
#6 الرسالة الرئيسية :
تتشابه كل من الزبدة والمارجرين من حيث الاستخدام لنفس الغرض في المطبخ، إلا أن ملامحهما الغذائية تختلف.
ففي حين أن الزبدة غنية بالدهون المشبعة، يعتبر المارجرين غني بالدهون غير المشبعة وأحيانًا المهدرجة.
وتعتبر الآثار الصحية للدهون المشبعة مثيرة للجدل إلى حد كبير، ودورها في أمراض القلب قد قل في السنوات الأخيرة.
وبالمقابل، يتفق العلماء على أن الدهون غير المشبعة الموجودة في بعض أنواع المارجرين تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة. وهذا ما جعل أنواع المارجرين الخالية من الدهون المهدرجة أكثر شيوعا.
والذين يفضلون المارجرين على الزبدة، عليهم التأكد من اختيار العلامات التجارية الخالية من الدهون المهدرجة، واختيار الأنواع المنتجة من الزيوت الصحية، مثل زيت الزيتون.
أما إذا كانت الزبدة هي المفضلة، فيمكن شراء الأنواع المنتجة من حليب البقر. وفي كل الأحوال يُنصح بالاعتدال في الاستهلاك بشكل عام.