يراود الكثير من الناس اعتقاد خاطئ بأن زيادة الوزن أو خسارته تتعلق فحسب بعدد السعرات الحرارية المستهلكة وقوة الإرادة.
ومع ذلك ، تختلف الأبحاث الحديثة التي تم اجرائها عن السمنة مع هذا الاعتقاد ، ويوجه العلماء أصابع الاتهام إلى الهرمون الذي يطلق عليه اسم هرمون اللبتين (1).
حيث يُعتقد الآن أن المقاومة لاَثار هذا الهرمون (والتي يطلق عليها اسم “مقاومة اللبتين”) هي السبب الرئيسي في زيادة دهون الجسم لدى البشر (2).
#1 تعرف على هرمون الليبتين الذي ينظم ويتحكم في وزن الجسم :
أن هرمون اللبتين هو الهرمون الذي تنتجه الخلايا الدهنية في الجسم (3).
وغالبا ما يشار إليها باسم "هرمون الشبع" أو "هرمون الجوع".
الهدف الرئيسي لبتين هو منطقة موجودة في المخ ، وبالتحديد المنطقة التي تسمى بـ "الوطاء" أو "الهايبوثلاموس hypothalamus".
من المفترض أن يبلغ هرمون اللبتين مخك بأن الجسم لديه ما يكفي من الدهون المخزنة ، وأنه لا يحتاج إلى تناول الطعام ، وأن بإمكانه حرق السعرات الحرارية بمعدل طبيعي (4).
كما أن لهذا الهرمون العديد من الوظائف الأخرى المتعلقة بالخصوبة والمناعة والمخ وغيرها (5).
ومع ذلك ، فإن دور اللبتين الرئيسي هو تنظيم توازن الطاقة على المدى الطويل ... كمية السعرات الحرارية التي نأكلها و نستهلكها ، وكم الدهون الذي نخزنه في أجسامنا (6).
لقد تطور نظام هرمون اللبتين لتجنب التضور جوعاً أو الإفراط في الأكل ، وكلاهما من العوامل التي كانت تقلل من فرص البشر في البقاء على قيد الحياة في البيئة الطبيعية.
في يومنا الحالي ، أصبح هرمون اللبتين فعالاً للغاية في تجنب الجوع. لكن هناك خلل ما في الآلية التي من المفترض أن تمنعنا من الإفراط في الأكل.
الملخص :
هرمون اللبتين هو هرمون يُنتج بواسطة الخلايا الدهنية في الجسم. دوره الرئيسي هو تنظيم عدد السعرات الحرارية التي نأكلها ونحرقها ، وكذلك كمية الدهون التي نخزنها في أجسامنا.
#2 من المفترض أن يبلغ هرمون اللبتين المخ بعدم الحاجة إلى الطعام :
تعتبر الطريقة التي يعمل بها هرمون اللبتين بسيطة نسبياً ...
حيث يتم إنتاج هذا الهرمون بواسطة الخلايا الدهنية في الجسم. وكلما زادت كمية الدهون التي تحملها ، كلما زاد إنتاجها لهرمون اللبتين (7).
يتم نقل الليبتين عن طريق مجرى الدم و إلى المخ ، حيث يرسل إشارة إلى منطقة "الوطاء/الهيبوثلاموس" ، وهي المنطقة الموجودة في المخ والتي تتحكم في متى و كم نأكل من الطعام (8).
تستخدم الخلايا الدهنية الليبتين "لإخبار" المخ كمية الدهون التي تحملها. وجود الكثير من هرمون الليبتين يبلغ المخ بأن الجسم لديه الكثير من الدهون المخزنة ، في حين أن مستويات الليبتين المنخفضة تخبر المخ بأن مخزون الدهون منخفض وأنه عرضة لخطر المجاعة (9).
و تعمل هذه العملية بالتسلسل التالي :
نأكل الكثير من الطعام -> ترتفع نسبة الدهون في الجسم - ترتفع مستويات هرمون الليبتين -> فنأكل كميات أقل و نحرق سعرات أكثر.
أو :
لا نأكل قدر كاف من الطعام -> فتنخفض دهون الجسم -> تنخفض مستويات هرمون اللبتين -> نأكل كميات أكثر و نحرق سعرات أقل.
ويُعرف هذا النظام باسم "حلقة التغذية المرتدة السلبية" ، ويشبه آليات التحكم في العديد من الوظائف الفسيولوجية المختلفة ، مثل : التنفس ، ودرجة حرارة الجسم ، وضغط الدم وغيرها.
الملخص :
إن الوظيفة الرئيسية لهرمون اللبتين هي إرسال إشارة إلى المخ ، تخبره فيها بكمية الدهون المخزنة في خلايا الجسم الدهنية.
#3 قد تكون مقاومة اللبتين الشذوذ البيولوجي الرئيسي في مرض السمنة :
عادة ما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة الكثير من الدهون في خلاياهم الدهنية.
ونظرًا لأن الخلايا الدهنية تنتج هرمون الليبتين بما يتناسب مع حجمها ، فإن الأشخاص البدناء لديهم أيضًا مستويات عالية جدًا من الليبتين (10).
ونظراً للطريقة التي يفترض أن يعمل بها هرمون اللبتين ، لا ينبغي أن يأكل هؤلاء الناس ، ويجب على أدمغتهم أن تعرف أن لديهم الكثير من الطاقة المخزنة.
ومع ذلك ، تكون المشكلة هي أن إشارة هرمون اللبتين لا تعمل بشكل سليم. و على الرغم من وجود كميات وافرة من هرمون الليبتين ، إلا أن المخ لا يدرك وجودها (11).
تعرف هذه الحالة بـ "مقاومة اللبتين". ويُعتقد الآن أن هذه الحالة هي الشذوذ البيولوجي الرئيسي في مرض السمنة البشرية (12).
عندما لا يتلقى المخ إشارة الليبتين ، يُخيل له أن الجسم يتضور جوعًا ، على الرغم من أنه يحتوي على ما يكفي من الطاقة المخزنة.
وهذا ما يجعل المخ يغيّر من وظائف الجسم الفسيولوجية ومن سلوكنا تجاه الطعام من أجل استعادة الدهون التي يعتقد أنها مفقودة (13، 14، 15) عن طريق :
- تناول المزيد من الطعام : يعتقد المخ أنه يجب علينا أن نأكل حتى لا نتضور جوعًا حتى الموت .
- تخفيض معدل حرق الطاقة : يعتقد المخ في أننا بحاجة إلى الحفاظ على الطاقة ، لذلك يجعلنا نشعر بالكسل ويجعلنا نحرق سعرات حرارية أقل في وقت الراحة.
بهذه الطريقة ، لا يكون تناول المزيد من الطعام و ممارسة القليل من الرياضة هو السبب وراء زيادة الوزن ، بل السبب هو "مقاومة الليبتين" ، وهي عيب هرموني في الأساس (16).
بالنسبة للغالبية العظمى من الناس ، فإن محاولة التحكم في الشهية بقوة الإرادة و التغلب على إشارة الجوع المدفوعة بهرمون الليبتين هي أمر أقرب إلى المستحيل.
الملخص :
الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم مستويات عالية من الليبتين ، لكن إشارة الليبتين لا تعمل بسبب حالة تعرف باسم "مقاومة اللبتين". يمكن أن تسبب مقاومة اللبتين الشعور بالجوع الشديد وتخفيض معدلات حرق الطاقة.
#4 خسارة الوزن تخفّض اللبتين لذا يحاول المخ اكتساب الوزن من جديد :
لا تقدم معظم "الحميات الغذائية" نتائج جيدة على المدى الطويل. وهي مشكلة معروفة في دراسات خسارة الوزن.
و حميات خسارة الوزن غير فعالة لدرجة أنه عندما ينتقل شخص ما من البدانة إلى النحافة و يتمكن فعلاً من خسارة الوزن باتباع حمية غذائية ، يتم النظر إلى هذا الأمر على أنه خبر يستحق النشر.
الحقيقة هي انه عندما يتعلق الأمر بخسارة الوزن ، فإن النجاح على المدى الطويل هو الاستثناء وليس القاعدة.
وهناك العديد من الأسباب المحتملة لذلك ، ولكن الأبحاث تظهر أن هرمون الليبتين قد يكون له علاقة كبيرة بهذا (17، 18).
حيث تؤدي خسارة الوزن إلى تخفيض كتلة الدهون في الجسم ، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في مستويات هرمون الليبتين ، ولكن المخ لا يعكس بالضرورة مقاومته لهرمون اللبتين.
عندما تنخفض مستويات هرمون اللبتين ، يؤدي ذلك إلى الشعور بالجوع ، وزيادة الشهية ، وضعف الحافز لممارسة الرياضة ، وانخفاض كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في وقت الراحة (19، 20).
ما يحدث بكل بساطة هو إن مستويات اللبتين المنخفضة تجعل المخ يظن أنه يتضور جوعاً ، لذا فإنه يبادر بكل أنواع الآليات القوية لاستعادة هذه الدهون المفقودة في الجسم ، ويعتقد بشكل خاطئ أنه يحمي الجسم من خطر المجاعة.
وبعبارة أخرى ، يدافع المخ بنشاط عن الكميات الأعلى من كتلة الدهون ، باستخدام قوى كيميائية حيوية قوية تجبرنا على استعادة الوزن الذي خسرناه عن طريق تناول المزيد من الطعام.
غالبية متبعي الحميات الغذائية يكونون على دراية بهذا ، بأن خسارة الوزن غالباً ما تكون سهلة في البداية ، خصوصا عندما يكون الدافع و الحافز مرتفع ، لكن سريعاً ما يتسبب الشعور بالجوع ، الرغبة الملحة في تناول الطعام وانخفاض الحافز لممارسة الرياضة في تثبيط محاولات خسارة الوزن.
هذا هو السبب الرئيسي في أن الكثير من الناس لا يقدرون على الالتزام بالحميات الغذائية على المدى الطويل ، حيث يفقدون كمية كبيرة من الوزن ، ثم يكتسبونها مرة أخرى (أو يزيد وزنهم عن البداية).
الملخص :
عندما يخسر الجسم كتلة الدهون ، تنخفض مستويات هرمون اللبتين بشكل ملحوظ. يفسر المخ ذلك كإشارة تجويع ، وبالتالي يغير من وظائف الجسم البيولوجية و السلوك التي نسلكه نحو الطعام فيجعلنا نستعيد الدهون المفقودة مرة أخرى.
#5 ما الذي يسبب “مقاومة اللبتين” ؟
وفقا للدكتور جوينيت ، تم تحديد العديد من الآليات الخلوية المسببة لحالة "مقاومة اللبتين".
-
الالتهاب : من المحتمل أن تكون الإشارات الالتهابية في منطقة "الوطاء" سبباً مهماً لمقاومة الليبتين في كل من الحيوانات والبشر.
-
الأحماض الدهنية الحرة : قد يؤدي ارتفاع الأحماض الدهنية الحرة في مجرى الدم إلى زيادة مستقلبات - المواد الضرورية لاستقلاب - الدهون في المخ ، والتدخل في إشارات هرمون اللبتين.
-
وجود مستويات عالية من هرمون اللبتين : وجود مستويات عالية من هرمون الليبتين في المقام الأول تؤدي إلى حدوث "مقاومة اللبتين".
وتزداد كل هذه العوامل تقريباً لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة ، لذلك قد يشكل هذا حلقة مفرغة حيث تزداد بدانة الناس و مقاومتهم لهرمون اللبتين بمرور الوقت.
الملخص :
تشمل الأسباب المحتملة لمقاومة اللبتين : الالتهاب ، ارتفاع الأحماض الدهنية الحرة ، وارتفاع مستويات اللبتين. تزداد كلاً من هذه العوامل الثلاثة عند الاصابة بالسمنة.
#6 العلم و عكس أثر “مقاومة اللبتين” :
إن أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كنت ممن يعانون من "مقاومة اللبتين" هي بالنظر في المراَة.
إذا كان لديك الكثير من الدهون في الجسم ، وخاصة في منطقة البطن ، فمن المؤكد أنك ممن يعانون من "مقاومة اللبتين".
إن المفتاح لعكس أثر "مقاومة اللبتين" ، هو تقليل الالتهاب الناتج عن الحميات الغذائية.
هناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها :
-
تجنب الأطعمة المصنعة : قد يؤدي تناول الأطعمة المصنعة بشكل كبير إلى المخاطرة بصحة الأمعاء والتسبب في حدوث الالتهابات (23).
-
تناول الألياف القابلة للذوبان : يمكن أن يساعد تناول الألياف القابلة للذوبان في تحسين صحة الأمعاء وقد يحمي الجسم من السمنة (24).
-
ممارسة الرياضة : قد يساعد النشاط البدني على عكس أثر "مقاومة اللبتين" (25).
-
النوم : يرتبط عدم الحصول على قسط كاف من النوم بحدوث اضطرابات في هرمون اللبتين (26).
-
تخفيض الدهون ثلاثية الجليسريدات : يمكن أن تمنع المستويات العالية من الدهون ثلاثية الجليسريدات في الدم نقل هرمون الليبتين من مجرى الدم إلى المخ (27). افضل طريقة لخفض مستويات الدهون ثلاثية الجليسريدات في الدم هي بتقليل مدخولك من الكربوهيدرات (28).
-
تناول البروتين : يمكن أن يؤدي تناول الكثير من البروتين الى خسارة الوزن بشكل تلقائي. هناك العديد من الأسباب وراء ذلك ، قد يكون أحدها هو ان البروتين يحسن من حساسية اللبتين (29).